للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يقتل في سبيل الله يقول: (الله أكبر، فزت وربّ الكعبة) «١» . وهذا الوصف والحال شمل كل ذلك الجيل الكريم الفريد.

وهذا التعبير- الذي يشير إلى السرور والفرح للموت في سبيل الله- ذكر لأكثر من صحابي، في أكثر من موقع ومناسبة، منها حادثة بئر معونة (صفر ٤ هـ) . وكان عدد الصحابة سبعين راكبا من القرّاء، وهم من خيار المسلمين «٢» ، ذهبوا إلى أهل نجد، وذلك بعد أن قدم على رسول الله صلّى الله عليه وسلم أبو براء عامر بن مالك بن جعفر ملاعب الأسنّة، فعرض عليه صلّى الله عليه وسلم الإسلام ودعاه إليه، فلم يسلم، ولم يبعد عن الإسلام، وقدّم لرسول الله صلّى الله عليه وسلم هدية، فقال صلّى الله عليه وسلم: «فإني لا أقبل هدية مشرك» «٣» . وعرض على الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم أن يرسل عددا من الصحابة لدعوة أهل نجد إلى الإسلام، فخاف صلّى الله عليه وسلم أهل نجد، لكن أبا براء تعهّد بإجارتهم وحمايتهم.

فبعث صلّى الله عليه وسلم هؤلاء النفر، وجعل عليهم المنذر بن عمرو «٤» (وهو من


(١) أخرجه البخاري، كتاب المغازي، باب: غزوة الرجيع وبئر معونة، رقم (٣٨٦٤/ ٤) . كذلك: السيرة النبوية، ابن هشام (٣/ ١٨٧) . السيرة النبوية، الذهبي (٢٣٥- ٢٤١) . حياة الصحابة (١/ ٥٢٩، ٢/ ٢٤٥، ٣/ ٥٤٨، ٥٩٥- ٥٩٦) .
(٢) صحيح البخاري، كتاب المغازي، باب غزوة الرجيع وبئر معونة، أرقام (٣٨٦٠ ٣٨٦٥) .
(٣) حياة الصحابة (٢/ ٢٤٥) وحولها أمثلة عن هذا الأمر. وهذه المسألة متكررة، ولها شواهد كثيرة، هي وأمثالها. زاد المعاد في هدي خير العباد، ابن قيم الجوزية (٥/ ٧٨- ٧٩) .
(٤) المنذر بن عمرو الخزرجي الأنصاري: شهد بيعة العقبة الكبرى، وكان نقيب بني ساعدة هو وسعد بن عبادة، كما شهد بدرا واحدا، واستشهد يوم بئر معونة (وهي سرية القراء) . وكان عددهم سبعين، وكان في شهر صفر من السنة الرابعة للهجرة (أو لعله أولها) ، على رأس ستة وثلاثين شهرا من الهجرة الشريفة. وكان المنذر أمير هذه السرية. وسمّي «المعنق ليموت» ، لما روي عن رسول الله الكريم صلّى الله عليه وسلم أنه قال فيه لمّا بلغه استشهاده: «أعنق ليموت» . أسد الغابة (٥/ ٢٦٩) . الاستيعاب (٤/ ١٤٩٥) . سيرة ابن هشام (١/ ٤٤٤، ٤٤٩، ٤٦٦، ٤٩٥، ٥٠٦، ٦٩٦،

<<  <   >  >>