للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهو يدعوهم إلى الله» «١» . فأنزل الله عز وجل: لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظالِمُونَ [آل عمران: ١٢٨] .

والرسول صلّى الله عليه وسلّم رغم ذلك يستمر يدعوهم، ويدعو لهم بالهداية: «اللهم اهد قومي فإنهم لا يعلمون» «٢» . وكان صلّى الله عليه وسلّم يرجو «أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده ولا يشرك به شيئا» «٣» .

لقد كان الأولى بأهل مكة أن يكونوا أول المؤمنين، لكنهم كانوا له من أكبر المعاندين والمحاربين! فأين الرابطة القومية التي يتحدثون عنها؟ هل حقيقة أن دعاتها يصدقون ويصدّقون ذلك؟ لكن الذي يبدو أنهم أدرى من غيرهم ببطلان هذا الكلام. وهم لا يدعون إليها عن إيمان بها، بل مؤامرة على الإسلام ومواجهة له، ومتى كانت القومية رابطة؟ فضلا عن أن تكون فكرة أو منهجا، لا سيما بالنسبة للإسلام «٤» . لماذا لا يتحدثون عنها رابطة وصلة. ومجتمعا قبل الإسلام؟ إنه من العجيب أن يتكلم أحد بذلك في البلاد الإسلامية. ومن كان يدعو إليها فيما سبق هجرها، وهؤلاء الأوربيون تخلوا عنها، وجدوا أيّ بلد غير إسلامي يدعو لقومية «٥» . أما الأتباع فللأسف إنهم تابعوا لأسباب قلّ فيها التأصيل، كما قلّ فيهم النظر الثاقب والدليل.

بل وصل الأمر في العهد المكي أن المشركين وهم يحاربونه صلّى الله عليه وسلّم مع ذلك يضعون أماناتهم عنده. ولكن رغم هذا العداء والعناد، فقد بلغت الدعوة


(١) أخرجه البخاري في المغازي. ومسلم في الجهاد والسير (١٧١٩) . وأحمد، (٣/ ٩٩) . زاد المعاد، (٣/ ١٨٤) .
(٢) السيرة النبوية، أبو شهبة، (٢/ ٦٣٩) .
(٣) نفسه.
(٤) التفسير، (٢/ ١٠٠٦) ، (٣/ ١٤٣٤) .
(٥) راجع كتاب: نظرات في دراسة التاريخ الإسلامي، ص ١٠٠ وبعدها.

<<  <   >  >>