للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأمور والأحداث والمعاني التي تبنى على الإسلام لا مثيل لها بالتأكيد؛ لأن صناعته المتفردة عديمة النظير.

صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عابِدُونَ [البقرة: ١٣٨] .

كانوا يفدونه بالنفس والمال والأهل والولد، ومع ذلك يستقلونها «١» .

ومع أن هذا شرع ودين لكن كان أيضا رغبة النفس وهوى القلب وفيض العاطفة. وهذا يعني أن أمور الإسلام وتشريعاته وأوامره لا بد أن تؤخذ بهذا الأسلوب والمستوى والطريقة، وإلا فهي لا تقبل إلا بهذه النوعية وخالصة لله تعالى، إيمانا واحتسابا وطلابا. وغدت هذه الأمور تؤدى من قبلهم، ليس فقط رغبات يسعون إليها بل هوى وعشق يجعلهم يؤدون أكثر منها لو استطاعوا، فيقدمون أقصى الطاقة، ولكن أي طاقة: الطاقة الإيمانية بهذا الدين وبما ابتنت عليه من المعاني العالية التي ترفع صاحبها فوق كل مستوى عرفه ويعرفه أي إنسان، مستوى لا يكون إلا بهذا الدين.

انظر إلى ما جرى مع عبيدة بن الحارث بن المطلب بن عبد مناف بن قصيّ القرشيّ المطلبي أحد السابقين الأولين، ومن عمومة رسول الله صلّى الله عليه وسلم وأسنّ منه عشر سنين في معركة بدر (صبيحة يوم الجمعة ١٧ رمضان ٢ هـ) ، حيث أخرج رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ثلاثة من أصحابه للمبارزة: عبيدة (من أبناء العمومة) لعتبة بن ربيعة، وحمزة (عمه) لمبارزة شيبة بن ربيعة، وعلي (ابن عمه) لمبارزة الوليد بن عتبة.

أما حمزة وعلي فقتل كل منهما خصمه (شيبة والوليد) ، أما عبيدة فاختلف هو وخصمه (عتبة) ضربتين، «فأثبت كل منهما الآخر، وشدّ عليّ وحمزة على عتبة فقتلاه (فذفّفا عليه: أجهزا عليه) ، واحتملا عبيدة وبه رمق، ثم توفي بالصفراء» «٢» . ثم حملا صاحبهما عبيدة إلى النبي صلّى الله عليه وسلم


(١) انظر: أعلاه.
(٢) السيرة النبوية، الذهبي، (١/ ٣٠٦) . الإصابة، (٤/ ٢٥٤) . السيرة النبوية، ابن

<<  <   >  >>