للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عشقوا الجهاد والبذل والاستشهاد في سبيل الله؛ ولذلك كان صلّى الله عليه وسلّم لا يرضى هو في أقصى الطاقة التي يحبها ويرغبها ومستعد لها، يتوقف أحيانا من أجلهم. فقد كان صلّى الله عليه وسلّم يرغب أن يخرج في كل جهاد يتولاه المسلمون، رغم واجبات النبوة والرسالة الكريمة التي اختاره الله تعالى لها، واللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ [الأنعام: ١٢٤] . وما أكثر هذه الواجبات المضنية؛ ولذلك كان حين يقوم بالأمور التطوعية وحده، بعيدا عن عيون الناس يقوم بها أكثر وأشد وأطول، والأمثلة كثيرة شاهدة.

وفي العبادات وغيرها. فكان في تهجده في بيته يطيل ويكثر العبادة تطوعا «١» .

ومن المفيد هنا ذكر الحديث الذي أخرجه مسلم في صحيحه «٢» :

«تضمّن الله لمن خرج في سبيله، لا يخرجه إلا جهادا في سبيلي، وإيمانا بي، وتصديقا برسلي، فهو عليّ ضامن أن أدخله الجنة، أو أرجعه إلى مسكنه الذي خرج منه، نائلا ما نال من أجر أو غنيمة.

والذي نفس محمد بيده ما من كلم يكلم في سبيل الله إلا جاء يوم القيامة كهيئته حين كلم، لونه لون دم، وريحه (عرفه) «٣» مسك «٤» .

والذي نفس محمد بيده لولا أن يشقّ (أشقّ على المؤمنين) ما قعدت خلاف (خلف) سرية تغزو في سبيل الله أبدا. ولكن لا أجد سعة فأحملهم. ولا يجدون سعة. ويشقّ عليهم أن يتخلفوا عنّي.

والذي نفس محمد بيده لوددت أني أغزو في سبيل الله فأقتل، ثم أغزو فأقتل، ثم أغزو فأقتل» .


(١) زاد المعاد، (١/ ٣١١) وبعدها. (٢/ ٨٣) وبعدها.
(٢) مسلم، رقم (١٨٧٦) . كتاب الإمارة، باب: فضل الجهاد والخروج في سبيل الله.
(٣) «العرف» : الرائحة.
(٤) سبق ذكر هذا المقطع. وعن بقيته، انظر: أعلاه، ص ٣٠٠.

<<  <   >  >>