للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إذا صلحت صلح الجسد كلّه، وإذا فسدت فسد الجسد كلّه، ألا وهي القلب» «١» .

فهؤلاء الذين حملوا العلم ولم يقدّروه قدره، وابتغوا به الدنيا، وخافوا لومة اللائمين من عباد الله، لا يصلحون للتوجيه والكتابة، والله تعالى محاسبهم ومجازيهم، وعلمهم وحذلقتهم وفيهقتهم لا تنفعهم شيئا، بل هي حجّة عليهم، ومجلبة لغضب الله تعالى وسخطه وعذابه الذي يستحقونه لهم، ولا تنفعهم أحبولات صيحات المدافعين بالانتفاع بعلمهم دون فعلهم، فعلمهم مثل فعلهم غير مقبول وحجّة عليهم، والله تعالى معذّبهم به، كما ورد في القرآن الكريم، والحديث الشريف.

فالله تعالى يقول: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ ما لا تَفْعَلُونَ (٢) كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا ما لا تَفْعَلُونَ (٣) إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيانٌ مَرْصُوصٌ [الصف: ٢- ٤] .

ولقد اعتبر الرسول الكريم صلّى الله عليه وسلم المسلم مفلسا إذا لم يلتزم بالخلق الإسلامي، وإن صام وصلى، وجعلهم أبعد الناس عنه صلّى الله عليه وسلم يوم القيامة.

بينما جعل الملتزمين أحبّهم إليه، وأقربهم منه صلّى الله عليه وسلم في يوم القيامة «٢» . وفي ذلك أيضا يقول الشاعر الفقيه:

وعالم بعلمه لم يعملن ... معذّب من قبل عبّاد الوثن

إنّ الذين يمكن أن يكتبوا السيرة النبوية الشريفة، والتاريخ الإسلامي، ويؤلفوا في العلوم الإسلامية عامة- والتاريخ الإسلامي واحد منها- لا بدّ أن يكونوا ممن وصف الله بأنهم لا يخافون في الله لومة لائم يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ


(١) أخرجه البخاري: كتاب الإيمان، باب: فضل من استبرأ لدينه (رقم: ٥٢) . ومسلم: كتاب المساقاة، باب: أخذ الحلال وترك الشبهات، رقم (١٥٩٩/ ٣) .
(٢) رواه الترمذي: كتاب البر والصلة، باب: ما جاء في معالي الأخلاق، رقم (٢٠١٨) .

<<  <   >  >>