للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكافِرِينَ يُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا يَخافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ [المائدة:

٥٤] . كما جعل الرسول الكريم صلّى الله عليه وسلم الجهاد ذروة سنام الإسلام «١» ، وأقوى تضحية له.

وكان أحدهم يدعو الله- بتواضع- أن يوفّقه لخدمة هذا الدين، ويعتبر ما يكتبه يدّخر له به الأجر عند الله تعالى مدخرا، وأن يكون عمله لله خالصا، وأن مداد العلم الذي يكتب به بالقلم مثل نزيف جرح طاهر في ميدان الجهاد يجري منه الدم.

وهكذا كان العلماء في كلّ عصر، تتساوى عندهم الحياة والممات، ويقدّمون ما هو أنفع لدين الله، ويفضّلون الحياة أو الموت، أيهما أفضل لخدمة هذا الدين سواء بسواء. وإذا كان الموت كذلك، فهم يقبلون عليه، ويطلبونه، ويعتبرونه الفوز والطريق إلى الجنة (احرص على الموت توهب لك الحياة) «٢» .

وهذا لا يمكن أن يكون إلا بتربية ومجاهدة وعيش مع القرآن الكريم وسيرة رسول الله صلّى الله عليه وسلم وسنّته المطهرة، بإيمان، وحب يملؤه، وينعشه، ويحييه، ويحرّكه، ويطير به في الآفاق العليا، سامية كالسماء.

وهؤلاء العلماء عوّدونا أنهم كانوا يتبركون بالكتابة في الإسلام، ودراسة القرآن الكريم، والكتابة في سيرة الرسول صلّى الله عليه وسلم، وسنّته المطهرة.

ولذلك كان الإمام البخاري (٢٥٦ هـ ٨٧٠ م) رحمه الله، بعد ما يدوّن كل حديث، يصلي ركعتين لله تعالى شكرا «٣» ، على أنه أنهى واجبا تعبديا، وأنجز مهمة إسلامية، يتقرّب بها إلى الله سبحانه وتعالى في خدمة حديث رسول الله صلّى الله عليه وسلم.


(١) رواه الترمذي: كتاب الإيمان، باب: ما جاء في حرمة الصلاة، رقم (٢٦١٦) .
(٢) حكمة قالها أبو بكر الصديق رضي الله عنه. أبو بكر الصديق، علي الطنطاوي (٣٠٠) .
(٣) وفيات الأعيان، ابن خلكان (٤/ ١٩٠) . وعبارة البخاري: (ما وضعت في كتابي الصحيح حديثا إلا اغتسلت قبل ذلك، وصليت ركعتين) .

<<  <   >  >>