ويا ليت المسلمين يعلمون ما جاء- مثلا- في تقرير اللورد «كامبل» عضو مجلس اللوردات البريطاني، سنة (١٩٠٧ م) مما يعتبر في وقت جدّ مبكر، لم يدركه جمهرة وكثرة كاثرة من المسلمين، حتى بعد هذا التاريخ ببضعة عقود، إن كانوا أدركوه الآن.
فالإسلام هو الدين الوحيد، والمنهج الفريد، والشرع القديم الجديد، الذي يمكن أن يرتقي بالإنسان- كل إنسان، أراد ذلك، وعمل له بشرطه- وينقذه من شقوته النّكدة، وبؤسه الخانق المقيم، وضياعه المتواصل.
لذلك أراده الله سبحانه وأبقاه وحفظه- بروعته- متولّيا بقوته العمل والقيادة مع جميع الأحوال، ولكلّ الأقوام والشعوب والأمم- بكل أجناسها وانتما آتها وعقائدها- في كل زمان ومكان، ومع كافة مراقي تحصيلهم، ودرجة علمهم، ومستوى معايشهم، فهو- بما أودع الله فيه، وجعله آخر الأديان، وخاتمة الشرائع، وسيد المناهج- قويّ بذاته وطبيعته، يتقدّم بنفسه بلا سيف أو مدفع لما فيه من التوافق المعشق والترافق المتدفق والتنادي أو التّداعي المتألّق، ولاستقامته المتيسّرة مع الفطرة الإنسانية وتساوقه معها بل واشتياقها له- ومع حقائق الحياة، ونواميس الوجود.
فهو يلبّي ببساطة وعمق وسهولة كل حاجات الجسم والعقل والروح، والعمران المادي والمعنوي والروحي، والتقدم لكافة البيئات المتنوعة، وحاجاتها النامية المتطورة في يسر واستقامة واستعلاء، من شعوب رعاة الكلأ، وساكني الخيام إلى سكنة ناطحات السحاب، وما يجدّ لأي أحد من جديد الأسباب. وهذا للأسف الشديد ما لا يدركه- كله أو بعضه- إلا القليل من أهله وأبنائه، وأدركه بوضوح كل أو جلّ أعدائه؛ لذلك هم يخافونه، ويخشون تقدّمه، وسيادته، وإقبال الناس عليه.
ولذلك فإنّ هذا محسوب لديهم- في مجمل الأحوال، وعلى الدوام، وفي كل اتجاه- في غاية الدقة والعناية والاهتمام، مهما تظاهروا بغيره أو برروا من سيره أو عظموا- مداراة- من أمره، لا ينفكّون من ذلك بحال.