للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٢٧٠- أما الدين، فإنه قد أمر المؤمن بالتنظف، والاغتسال للجمعة، لأجل اجتماعه بالناس، ونهى عن دخول المسجد إذا أكل الثوم١، وأمر الشرع بتنقية البراجم٢، وقص الأظفار، والسواك٣، والاستحداد٤ ... وغير ذلك من الآداب؛ فإذا أهمل ذلك، ترك مسنون الشرع، وربما تعدى بعض ذلك إلى فساد العبادة، مثل أن يهمل أظفاره، فيجمع تحته الوسخ المانع للماء في الوضوء أن يصل.

٢٧١- وأما الدنيا، فإني رأيت جماعة من المهملين أنفسهم يتقدمون إلى السرار٥، والغفلة التي أوجبت إهمالهم أنفسهم أوجبت جهلهم بالأذى الحادث عنهم، فإذا أخذوا في مناجاة السر، لم يمكن أن أصدف٦ عنهم؛ لأنهم يقصدون السر، فألقى الشدائد من ريح أفواههم، ولعل أكثرهم من وقت انتباههم ما أمر إصبعه على أسنانه!!

ثم يوجب مثل هذا نفور المرأة، وقد لا تستحسن ذكر ذلك للرجل، فيثمر ذلك التفاتها عنه، وقد كان ابن عباس رضي الله عنهما يقول: إني لأحب أن أتزين للمرأة كما أحب أن تتزين لي.

٢٧٢- وفي الناس من يقول: هذا تصنع! وليس بشيء، فإن الله تعالى زيننا لما خلقنا؛ لأن للعين حظًّا في النظر، ومن تأمل أهداب العين والحاجبين وحسن ترتيب الخلفة، علم أن الله زين الآدمي.

٢٧٣- وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم أنظف الناس، وأطيب الناس٧. وفي الحديث عنه صلى الله عليه وسلم: يرفع يديه حتى تبين عفرة إبطيه٨. وكان ساقه ربما انكشفت، فكأنها


١ البخاري "٨٥٢-٨٥٥"، ومسلم "٥٦٤" عن جابر رضي الله عنه.
٢ البراجم، جمع برجمة، وهي المفصل الظاهر أو الباطن من الأصابع.
٣ رواه البخاري "٨٧٨"، ومسلم "٢٥٢" عن أبي هريرة رضي الله عنه.
٤ "عشر من الفطرة: قص الشارب، وإعفاء اللحية، والسواك، واستنشاق الماء، وقص الأظافر، وغسل البراجم، ونتف الإبط، وحلق العانة، وانتقاص الماء"، رواه مسلم عن عائشة رضي الله عنها، قال مصعب: ونسيت العاشرة إلا أن تكون: "المضمضة والاستحداد وحلق العانة".
٥ السرار: المناجاة.
٦ صدف عن الشيء: أعرض عنه.
٧ رواه ابن سعد كما في صحيح الجامع "٤٩٨٨".
٨ عفرة إبطيه: بياضهما.

<<  <   >  >>