للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٢٨٠- فصل: على المؤمن أن يحترز مما يمكن وقوعه

١٢٥٦- ينبغي للعاقل أن يحترز غاية ما يمكنه؛ فإذا جرى القدر مع احترازه، لم يلم، والاحتراز ينبغي من كل شيء يمكن وقوعه، وأخذ العدة لذلك واجب، وهذا يكون في كل حال.

فقد قص رجل ظفره؛ فجار عليه، فخبثت يده فمات. ومر شيخنا أحمد الحربي١، وهو راكب بمكان ضيق، فتطأطأ على السرج، فانعصر فؤاده، فمرض، فمات. وكان يحيى بن نزار شيخًا يحضر مجلسي، قد طرق عليه ثقل الأذن، فاستدعى طرقيًّا٢، فمص أذنه، فجرى شيء من مخه، فمات.

وانظر إلى احتراز رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حين مر على حائط مائل فأسرع٣.

١٢٥٧- وينبغي أن يحترز بالكسب في زمن شبابه، ادخارًا لزمن شيبه، ولا ينبغي أن يثق بمعامل إلا بوثيقة، ويبادر بالوصية، مخافة أن يطرقه الموت، ويحترز من صديقه فضلًا عن عدوه، ولا يثق بمودة من قد آذاه هو؛ فإن الحقد في القلوب قلما يزول، وليحترز من زوجته، فربما أطلعها على سره، ثم طلقها، فيتأذى بما تفعل به.

وقد كان ابن أفلح٤ الشاعر يكاتب رئيسًا في زمن المسترشد، فعلم بذلك بوابه، واتفق أنه صرف بوابه، فنم عليه، ونقضت داره٥.

فهذه المذكورات٦ أمثلة تنبه على ما لم يذكر، وأهم الكل أن يحترز بأخذ


١ لم أجده.
٢ مشعوذًا.
٣ رواه أحمد "٢/ ٣٥٦"، قال الهيثمي في المجمع "٢/ ٣٢١": إسناده ضعيف.
٤ هو، علي بن أفلح العبسي، أبو القاسم، شاعر من الكتاب؛ علت شهرته، مدح الخلفاء وأرباح المراتب، له ديوان شعر، توفي سنة "٥٣٥هـ".
٥ المنتظم "١٠/ ٨٠".
٦ في الأصل: المذكرات، وهو تصحيف.

<<  <   >  >>