١١٨٠- العجب من الذي أنف الذل! كيف لا يصبر على جاف الخبز، ولا يتعرض لمنن الأنذال؟!
أتراه ما يعلم أنه ما بقي صاحب مروءة؟! وأنه إن سأل، سأل بخيلًا لا يعطي، فإن أعطى نزرًا، فإنه يستعبد المعطى بذلك العمر؟!
ثم ذاك القدر النزر يذهب عاجلًا، وتبقى المنن والخجل ورؤية النفس بعين الاحتقار، إذ صارت سائلة، ورؤية المعطي بعين التعظيم أبدًا، ثم يوجب ذلك السكوت عن معايب المعطي، والبدار إلى قضاء حقوقه، وخدمته فيما يقي١.
١١٨١- وأعجب من هذا من يقدر أن يتسعبد الأحرار بقليل العطاء الفاني ولا يفعل، فإن الحر لا يشتري إلا بالإحسان، قال الشاعر:
تفضل على من شئت واعن بأمره ... فأنت، ولو كان الأمير، أميرُهُ
وكن ذا غنًى عمن تشاء من الورى ... ولو كان سلطانًا فأنت نظيرُهُ
ومن كنت محتاجًا إليه وَوَاقِفًا ... على طَمَعٍ منه فأنت أَسِيْرُهُ