للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٣١٤- فصل: وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها

١٣٨٨- كلما نظرت في تواصل النعم عليَّ، تحيرت في شكرها! وأعلم أن الشكر من النعم، فكيف أشكر١؟! لكني معترف بالتقصير، وأرجو أن يكون اعترافي قائمًا ببعض الحقوق.

وعندي خلة٢ أرجو بها كل خير، وهي أن من يصوم أو يصلي يرى أنه تعبد، ويخدم كأنه يقضي حق المخدوم، وأنا أرى أني إذا صليت ركعتين؛ فإنما قمت أكدي٣، فلنفسي أعمل، إذ المخدوم غني عن طاعتي.

وكان بعض المشايخ يقول: جاء في الحديث: "الدعاء عبادة" ٤، وأنا أقول: العبادة دعاء.

١٣٨٩- فالعجب ممن يقف للخدمة يسأل حظ نفسه، كيف يرى أنه قد فعل شيئًا؟! إنما أنت في حاجتك، ومنة من أيقظك، لا تقاومها خدمتك، فأنا أقول كما قال الأول:

يا منتهى الآمال أنْ ... ـت كفلتني وحفظتني

وعدا الزمان علي كيْ ... يجتاحني فمنعتني

فانقاد لي متخشعًا ... لما رآك نصرتني

وكسوتني ثوب الغنى ... ومن المغالب صنتني

فإذا سكت بدأتني ... وإذا سألت أجبتني

فإذا شكرتك زدتني ... فمنحتني وبهرتني

لو إن أجد بالمال فالْ ... أموال أنت أفدتني


١ شكر الله تعالى في امتثال أوامره واجتناب نواهيه.
٢ الخلة: الخصلة.
٣ أكدي: أستجدي.
٤ رواه أبو دواد "١٤٧٩"، والترمذي "٣٢٤٧"، وابن ماجه "٣٨٢٨" عن النعمان بن بشير بلفظ: "الدعاء هو العبادة".

<<  <   >  >>