٦٥٤- لا أنكر على من طلب لذة الدنيا من طريق المباح؛ لأنه ليس كل أحد يقوى على الترك. إنما المحنة على من طلبها، فلم يجدها أو أكثرها إلا من طريق الحرام، فاجتهد في تحصيلها، ولم يبال كيف حصلت. فهذه المحنة التي بخس العقل فيها حقه، ولم ينتفع صاحبه بوجوده؛ لأنه لو وزن ما آثر وعقابه، طاشت كفة اللذة، التي فنيت عند أول ذرة من أجزائها.
٦٥٥- وكم قد رأينا ممن آثر شهوته، فسلبت دينه! فليعجب العاقل حين التصفح لأحوالهم، كيف آثروا شيئًا ما أقاموا معه، وصاروا إلى عقاب لا يفارقهم؟! فَاللهَ اللهَ في بخس العقول حقها! ولينظر السالك أين يضع القدم، فرب مستعجل وقع في بئر بوارٍ، ولتكن عين التيقظ مفتوحة، فإنكم في صف حرب، لا يدري فيه من أين يتلقى النبل، فأعينوا أنفسكم، ولا تعينوا عليها.