٦٧٧- إذا صح قصد العالم، استراح من كلف التكلف. فإن كثيرًا من العلماء يأنفون من قول: لا أدري، فيحفظون بالفتوى جاههم عند الناس، لئلا يقال: جهولًا الجواب، وإن كانوا على غير يقين مما قالوا، وهذا نهاية الخذلان.
٦٧٨- وقد روي عن مالك بن أنس: أن رجلًا سأله عن مسأله، فقال: لا أدري! فقال: سافرت البلدان إليك! فقال: ارجع إلى بلدك، وقل: سألت مالكًا، فقال: لا أدري. فانظر إلى دين هذا الشخص وعقله، كيف استراح من الكلفة، وسلم عند الله رضي الله عنه.
٦٧٩- ثم إن كان المقصود الجاه عندهم، فقلوبهم بيد غيرهم.
والله، لقد رأيت من يكثر الصلاة والصوم والصمت، ويتخشع في نفسه ولباسه، والقلوب تنبو عنه، وقدره في النفوس ليس بذاك!
ورأيت من يلبس فاخر الثياب، وليس له كبير نفل، ولا تخشع، والقلوب تتهافت على محبته، فتدبرت السبب، فوجدته السريرة. كما روي عن أنس بن مالك: أنه لم يكن له كبير عمل من صلاة وصوم؛ وإنما كانت له سريرة.
فمن أصلح سريرته، فاح عبير فضله، وعبقت القلوب بنشر طيبه، فالله الله في السرائر، فإنه ما ينفع مع فسادها صلاح ظاهر.