للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٦٥- فصل: أي لب أوغل في النظر مدح على قدر فهمه.

٣٣٩- قرأت من غرائب العلم وعجائب الحكم، على بعض من يدعي العلم؛ فرأيته يتلوى من سماع ذلك، ولا يطلع على غوره، ولا يشرئب١ إلى ما يأتي، فصدقت٢ عن إسماعه شيئًا آخر، وقلت: إنما يصلح مثل هذا الذي لب يتلقاه تلقي العطشان الماء.

٣٤٠- ثم أخذت من هذه إشارة، "هي أنه"٣ لو كان هذا يفهم ما جرى، ومدحني لحسن ما صنعت، لعظم قدره عندي، ولأريته محاسن مجموعاتي وكلامي، ولكنه لما لم أره لها أهلًا، صرفتها عنه، وصدفت بنظري عنه٤.

وكانت الإشارة: أن الله -عز وجل- قد صنف هذه المخلوقات، فأحسن التركيب، وأحكم الترتيب، ثم عرضها على الألباب، فأي لب أوغل في النظر، مدح على قدر فهمه، فأحبه المصنف.

وكذلك أنزل القرآن يحتوي على عجائب الحكم، فمن فتشه بيد الفهم، وحادثه في خلوة الفكر، استجلب رضا المتكلم به، وحظي بالزلفى٥ لديه، ومن كان


١ يشرئب: يتطاول ليتطلع وينظر، وتأتي بمعنى يتشوف.
٢ صدقت: أعرضت. في الأصل: صرفت.
٣ في الأصل: جعلت.
٤ في الأصل: إليه.
٥ الزلفى: القرب والمكانة.

<<  <   >  >>