للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[على من صحب سلطان أن يكون ظاهره وباطنه سواء]

...

٢٤٢- فصل: على من صحب سلطانًا أن يكون ظاهره وباطنه سواء

١١١٨- ينبغي لمن صحب سلطانًا أو محتشمًا أن يكون ظاهره معه، وباطنه سواء؛ فإنه قد يدس إليه من يختبره١، فربما افتضح في الابتلاء.

١١١٩- وقد كان جماعة من الملوك يقصدون تقريب المنادم، ويجعلون له حجرة في دورهم، فإذا أرادوا أن يختصوه؛ اختبروه باطنًا، وذاك لا يدري، فيظهر منه ما لا يصلح فيطرد!

١١٢٠- ولقد امتحن أبرويز٢ رجلًا من خاصته، فدس إليه جارية، معها ألطاف٣، وأمرها أن لا تقعد عنده، فحملتها. ثم أنفذها مرة أخرى، وأمرها أن تقعد بعد التسليم هنيهة، ففعلت، فلاحظها الرجل. ثم بعثها مرة ثالثة، وأمرها أن تطيل القعود عنده، وتحدثه، فأطالت الحديث معه، فأبدى لها شيئًا من الميل إليها، فقالت: أخاف أن يطلع علينا، ولكن، دعني أدبر في هذا.

فذهبت، فأخبرت الملك بذلك! فوجه غيرها من خواص جواريه بمثل ذلك، فلما جاءته، قال: ما فعلت فلانة؟ قالت: مريضة، فاربد٤ لونه. ثم فعلت الجارية الثانية مثل ما فعلت الأولى، فقالت له: إن الملك يمضي إلى بستانه، فيقيم هناك: فإن أرادك على أن تمضي معه، فأظهر أنك عليل، فإن خيرك بين الانصراف إلى دور نسائك أو المقام هاهنا، فاختر المقام هاهنا، وأخبره أنك لا تقدر على الحركة، فإن أجابك إلى ذلك، جئت إليك كل ليلة ما دام الملك غائبًا! فسكن إلى قولها.

ثم مضت، وأخبرت الملك بذلك. فلما كان بعد ثلاث، استدعاه الملك، فقال:


١ في الأصل: يخبره، وهو تصحيف.
٢ أبرويز بن هرمز بن كسرى أنوشروان، حكم بلاد فارس ثمان وثلاثين سنة كانت أبرز صفاته الجشع، جمع أموالًا عظيمة، و "أبرويز" تعني المظفر، انظر: "إيران في عهد الساسانيين" لآرثر كريستنسن ص "٤٢٨و ٤٣٦".
٣ الألطاف: الهدايا.
٤ اربدَّ: تغير وجهة.

<<  <   >  >>