للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إني مريض، فعاد الرسول، فأخبره، فتبسم، وقال: هذا أول الشر، فوجه إليه محفة حمل فيها إليه، فلما بصر به أبرويز: قال: والمحفة الشر الثاني. فرأى العصابة على رأسه، قال: والعصابة الشر الثالث. فقال له الملك: أيهما أحب إليك: الانصراف إلى نسائك ليمرضنك، أو المقام ها هنا إلى وقت رجوعي؟ قال: المقام ها هنا أرفق لي، لقلة الحركة. فتبسم وقال: حركتك هاهنا إن تركت أكثر من حركتك إلى منزلك! ثم أمر له بعصا الزناة، التي كان يوسم١ بها من زنا، فأيقن الرجل بالأمر! وأمر٢ أن يكتب ما كان من أمره حرفًا حرفًا، فيقرأ على الناس حرفًا حرفًا إذا حضروا، وأن ينفى إلى أقصى المملكة، وتجعل العصا على رأس رمح، يكون معه حيث كان، ليحذر منه من لا يعرفه، فلما نفي، أخذ من بعض الموكلين مدية، فجب٣ بها ذكره، وقال: من أطاع عضوًا صغيرًا أفسد عليه جميع أعضائه. ومات من ساعته.

١١٢١- قلت: وقد كان جماعة من الأمراء يتنكرون، ويسألون العوام عن سيرتهم، فيتكلم العامي بما لا يصلح، فيضبطونه عليه، وربما بعثوا دسيسًا [عليه] .

ورب كلمات قالها مسترسل، فبلغها فضولي، [فأهلكت صاحبها] .

١١٢٢- ورأى عمر بن عبد العزيز رجلًا من العمال كثير الصلاة، فدس عليه من قال له: إن أخذت لك الولاية الفلانية، فما تعطيني؟ قال: أعطيتك كذا وكذا! قال له عمر، غررتنا بصلاتك.

١١٢٣- وقد بلغت أن رجلًا كلم امرأة، فأجابته، فاستدعته إلى دارها، فلما دخل، أقامت على قتله.

١١٢٤- فقد ينجلي من هذه الحكاية أنه لا ينبغي أن يسكن إلى قول امرأة أو بعل، يجوز أنه يكون جاسوسًا ومختبرًا، وكذلك لا يظهر ما ينبغي إخفاؤه من مال ومذهب أو سب رجل، فربما كان له في الحاضرين قريب، ولا يوثق بمودة لا أصل لها، فربما كانت تحتها آفة تقصده.


١ يوسم: يكوى بالنار علامة على فجوره.
٢ الآمر هنا هو أبرويز.
٣ جب: قطع.

<<  <   >  >>