١٥٩٤- رأيت جمهور الناس حائدين عن الشريعة، جارين على ما ألفوا من العادة وقد يخلص منهم فريقان: علماء وعباد.
١٥٩٥- فتأملت جمهور العلماء؛ فرأيتهم في تخليط: منهم من يقتصر على معاملات الدنيا، ويعرض عن معاملات الآخرة: إما لجهله بها، أو لثقل أمرها عليه، فهو لا يجري على ما يثقل عليه مما يوجبه العلم، ويتبع في الباقي العادات! وربما تخايل أنه يسامح في الخطايا، لكونه عالما، وقد نسي أن العلم حجة عليه.
ومنهم: من هو واقف مع صورة العلم، غافل عن المقصود بالعلم، وفيهم: من يخالط السلطان، فيتأذى المخالط بما يرى من الذنوب والظلم، ولا يمكنه الإنكار، وربما مدح! ويتأذى السلطان بصحبته، فيقول: لولا أني على صواب ما جالسني هذا! ويتأذى العوام، فيقولون: لولا أن أمر السلطان قريب، ما خالطه هذا العالم!
ورأيت الأشراف يثقون بشفاعة آبائهم، وينسون أن اليهود من بني إسرائيل!
١٥٩٦- وأما الفريق الثاني، وهم العباد، فرأيت أكثرهم في تخليط: أما الصحيحو القصد منهم؛ فعلى غير الجادة في أكثر عملهم: قد وضع لهم جماعة من المتقدمين كتبًا فيها دفائن قبيحة، وأحاديث غير صحيحة، ويأمرون فيها بأشياء