للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

٤٢- فصل: شرف الإنسان

٢١٥- ما أزال أتعجب ممن يرى تفضيل الملائكة على الأنبياء والأولياء! فإن كان التفضيل بالصور، فصورة الآدمي أعجب من ذوي أجنحة، وإن تركت صورة الآدمي لأجل أوساخها المنوطة بها، فالصورة ليست الآدمي، إنما هي قالب! ثم قد استحسن منها ما يستقبح في العادة، مثل: خلوف فم الصائم، ودم الشهداء١، والنوم في الصلاة٢، فبقيت صورة معمورة، وصار الحكم للمعنى. ألهم مرتبة يحبهم أو فضيلة يباهي بهم؟!

وكيف دار الأمر، فقد سجدوا لنا، وهو صريح في تفضيلنا عليهم.

٢١٦- فإن كانت الفضيلة بالعلم، فقد علمت القصة يوم: {لا عِلْمَ لَنَا} [البقرة: ٣٢] {يَا آدَمُ أَنْبِئْهُمْ} [البقرة:٣٣] . وإن فضلت الملائكة بجوهرية ذواتهم، فجوهرية أرواحنا من ذلك الجنس، وعلينا أثقال أعباء الجسم.

بالله، لولا احتياج الراكب إلى الناقة، فهو يتوقف لطلب علفها، ويرفق في السير بها، لطرق أرض منى قبل العشر٣.

٢١٧- واعجبًا! أتفضل الملائكة بكثرة التعبد؟! فما ثم صعاد٤. أو يتعجب من الماء إذا جرى، أو من منحدر يسرع؟! إنما العجب من مصاعد يشق الطريق، ويغالب العقبات!

٢١٨- بلى، قد يتصور منهم الخلاف، ودعوى الإلهية؛ لقدرتهم على دك الصخور وشق الأرض، لذلك تواعدوا: {وَمَنْ يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي إِلَهٌ مِنْ دُونِهِ فَذَلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ} [الأنبياء: ٢٩] ، لكنهم يعلمون عقوبة الحق فيحذرونه.


١ رواه البخاري "٢٣٧"، ومسلم "١٨٧٦" عن أبي هريرة رضي الله عنه.
٢ عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما من امرئ تكون له صلاة بليل فغلبه عليها نوم إلا كتب الله له أجر صلاته، وكان نومه صدقة عليه"، رواه أبو داود "١٣١٤"، والنسائي "١٧٨٣، ١٧٨٤".
٣ العشر: عشر ذي الحجة.
٤ الصعاد: الرقي والارتفاع، وفي حاشية الأصل: في الأحمدية: فما ثم صاد. قلت: أي مانع.

<<  <   >  >>