١٦٧٠- العاقل يدبر بعقله عيشته في الدنيا، فإن كان فقيرًا؛ اجتهد في كسب وصناعة تكفه عن الذل للخلق، وقلل العلائق، واستعمل القناعة، فعاش سليمًا من منن الناس عزيزًا بينهم.
وإن كان غنيًّا، فينبغي له أن يدبر في نفقته، خوف أن يفتقر، فيحتاج إلى الذل للخلق، ومن البلية أن يبذر في النفقة، ويباهي بها ليكمد الأعداء، كأنه يتعرض بذلك -إن أكثر- لإصابته بالعين!
١٦٧١- وينبغي التوسط في الأحوال، وكتمان ما يصلح كتمانه. ولقد وجد بعض الغسالين مالًا، فأكثر في النفقة، فعلم به؛ فأخذ منه المال، وعاد إلى الفقر.
وإنما التدبير حفظ المال، والتوسط في الإنفاق، وكتمان ما لا يصلح إظهاره.
١٦٧٢- ومن الغلط إطلاع الزوجة على قدر المال؛ فإنه إن كان قليلًا؛ هان عندها الزوج، وإن كان كثيرًا؛ طلبت زيادة الكسوة والحلي! قال الله عز وجل:{وَلا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُم}[النساء: ٥] . وكذلك الولد.
١٦٧٣- وكذلك الأسرار، ينبغي أن تحفظ، وأن يحذر منها ومن الصديق، فربما انقلب، فقد قال الشاعر:
احذر عدوك مرَّةً ... واحذر صديقك ألف مرَّه
فلربما انقلب الصديـ ... ـق فكان أعلم بالمضرَّه
١٦٧٤- بحمد الله تعالى قد نجز ما توخاه الفكر الفاتر من تقييد ما جمعه القلم، من "صيد الخاطر"، مقتصرًا فيه على ما به "التخلي من الأمراض النفسية، والتحلي بالآداب الشرعية، والأخلاق المرضية"، جعله الله تعالى خير هاد على منبر الوعظ والإرشاد، وأنفع كتاب تجلى في مرايا الظهور لهداية العباد، والحمد لله أولًا وآخرًا، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.