٦٨٦- تأملت وقوع المعاصي من العصاة، فوجدتهم لا يقصدون العصيان؛ وإنما يقصدون موافقة هواهم، فوقع٣ العصيان تبعًا، فنظرت في سبب ذلك الإقدام مع العلم بوقوع المخالفة؛ فإذا به ملاحظتهم لكرم الخالق، وفضله الزاخر، ولو أنهم تأملوا عظمته وهيبته، ما انبسطت كف بمخالفته.
فإنه ينبغي -والله- أن يحذر ممن أقل فعله تعميم الخلق بالموت، حتى إلقاء الحيوان البهيم للذبح، وتعذيب الأطفال بالمرض، وفقر العالم، وغنى الجاهل.
٦٨٧- فليعرض المقدم على الذنوب على نفسه الحذر ممن هذه صفته، فقد قال الله تعالى:{وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ}[ال عمران: ٢٨] . وملاحظة أسباب الخوف أدنى إلى الأمن من ملاحظة أسباب الرجاء، فالخائف آخذ بالحزم، والراجي متعلق بحبل طمع، وقد يخلف الظن!