للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٢١٤- فصل: البدار البدار فقد قرب الرحيل

٩٨٩- من علم قرب الرحيل عن مكة، استكثر من الطواف خصوصًا إن كان لا يؤمل العود، ليكبر سنه، وضعف قوته. فكذلك ينبغي لمن قاربه ساحل الأجل بعلو سنه أن يبادر اللحظات، وينتظر الهاجم١ بما يصلح له، فقد كان في قوس الأجل منزع٢ زمان الشباب، واسترخى الوتر في المشيب عن سية القوس٣، فانحدر إلى القاب٤، وضعفت القوى، وما بقي إلا الاستسلام لمحارب التلف.

فالبدار البدار إلى التنظيف، ليكون القدوم على طهارة.

٩٩٠- وأي عيش في الدنيا يطيب لمن أيامه السليمة تقربه إلى الهلاك، وصعود عمره نزول عن الحياة، وطول بقائه نقص مدى المدة؟!

فليتفكر فيما بين يديه، وهو أهم مما ذكرناه. أليس في "الصحيح": "ما منكم أحد إلا ويعرض عليه مقعده بالغداة والعشي من الجنة أو النار، فيقال: هذا مقعدك، حتى يبعثك الله"٥؟!

فوا أسفا لمهددٍ كم يقتل قبل القتل! ويا طيب عيشٍ لموعود بأزيد المنى! وليعلم من شارف السبعين أن النفس أنين! أعان الله من قطع عقبة العمر على رمل زرود٦ الموت.


١ الهاجم: الموت.
٢ المنزع: السهم.
٣ سية القوس: ما عطف عن طرفيه.
٤ القاب: ما بين مقبض القوس والسية.
٥ رواه البخاري "١٣٧٩"، ومسلم "٢٨٦٦" عن ابن عمر رضي الله عنهما. وطرفه: "إن أحدكم إذا مات..".
٦ زرود: صحراء بين الثعلبية والحزيمية للقادم إلى مكة من العراق.

<<  <   >  >>