للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٣٢٣- فصل: خلق الإنسان ومعه الحسد

١٤١٤- رأيت الناس يذمون الحاسد، ويبالغون، ويقولون: لا يحسد إلا شرير، يعادي نعمة الله، ولا يرضى بقضائه، ويبخل على أخيه المسلم، فنظرت في هذا، فما رأيته كما يقولون.

وذاك أن الإنسان لا يجب أن يرتفع عليه أحد؛ فإذا رأى صديقه قد علا عليه، تأثر هو، ولم يحب أن يرتفع عليه، وود لو لم ينل صديقه ما ينال، أو أن ينال هو ما نال ذاك، لئلا يرتفع عليه. وهذا معجون في الطبع١، ولا لوم على ذلك؛ إنما اللوم أن يعمل بمقتضاه من قول أو فعل.

وكنت أظن أن هذا قد وقع لي عن سبري٢ وفحصي؛ فرأيت الحديث٣ عن الحسن البصري قد سبقني إليه، قال: أخبرنا عبد الخالق بن عبد الصمد، قال: أخبرنا ابن النقور٤، قال: أخبرنا المخلص٥، قال: حدثنا البغوي، قال: حدثنا أبو روح، قال: حدثنا مخلد بن الحسين، عن هشام، عن الحسن، قال: ليس من ولد آدم أحد إلا وقد خلق معه الحسد، فمن لم يجاوز ذلك بقول ولا بفعل، لم يتبعه شيء.


١ في الأصل: الطين. أي: أصل الخلقة.
٢ في الأصل: سري، وهو تصحيف.
٣ يستعمل المؤلف كلمة الحديث بمعناه اللغوي لا بمعناه الاصطلاحي، وقد ورد أكثر من مرة بهذا المعنى.
٤ أحمد بن محمد، أبو الحسين البغدادي البزار "٣٨١-٤٧٠هـ" مسند العراق.
٥ محمد بن عبد الرحمن البغدادي الذهبي "٣٠٥-٣٩٣هـ" المحدث المعمر، سمي المخلص؛ لأنه كان يخلص الذهب عن الغش.

<<  <   >  >>