٥٣- تأملت أحوال الصوفية والزهاد، فرأيت أكثرها منحرفًا عن الشريعة، بين جهل بالشرع، وابتداع بالرأي، يستدلون بآيات لا يفهمون معناها، وبأحاديث لها أسباب، وجمهورها لا يثبت.
فمن ذلك أنهم سمعوا في القرآن العزيز:{وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ}" آل عمران: ١٨٥"، {أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ}"الحديد: ٢٠"، ثم سمعوا في الحديث:"للدنيا أهون على الله من شاة ميتة على أهلها"١، فبالغوا في هجرها من غير بحث عن حقيقتها! وذلك أنه ما لم يعرف حقيقة الشي، فلا يجوز أن يمدح ولا أن يذم.