للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

١١- فصل: الحسد منشؤه حب الدنيا.

٢٥- تأملت التحاسد بين العلماء، فرأيت منشأه من حب الدنيا، فإن علماء الآخرة يتوادون، ولا يتحاسدون: كما قال عَزَّ وَجَلَّ: {وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا} "الحشر:٩"، وقال تعالى: {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْأِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا} "الحشر:١٠".

وقد كان أبو الدرداء١ يدعو كل ليلة لجماعة من إخوانه.

وقال الإمام أحمد بن حنبل لولد الشافعي: أبوك من الستة الذين أدعو لهم كل ليلة وقت السحر.

٢٦- والأمر الفارق بين الفئتين: أن علماء الدنيا ينظرون إلى الرئاسة فيها، ويحبون كثرة الجمع والثناء، وعلماء الآخرة بمعزل من إيثار ذلك، وقد كان يتخوفونه، ويرحمون من بلي به.

وكان النَّخَعَيُّ٢ لا يستند إلى سارية.

وقال علقمة٣: أكره أن يوطأ عقبي، ويقال: علقمة. وكان بعضهم إذا جلس إليه أكثر من أربعة، قام عنهم. وكانوا يتدافعون الفتوى٤، ويحبون الخمول٥.

٢٧ مثل القوم كمثل راكب البحر، وقد خبَّ٦، فعنده شغل إلى أن يوقن


١ عويمر بن مالك بن قيس الأنصاري الخزرجي، صحابي من الحكماء الفرسان القضاة العباد توفي بدمشق سنة "٣٢هـ".
٢ إبراهيم بن يزيد بن قيس بن الأسود، أبو عمران "٤٦-٩٦هـ"، من مذحج من أكابر التابعين صلاحًا وصدق رواية وحفظًا للحديث، من أهل الكوفة، مات متخفيًّا من الحجاج.
٣ علقمة بن قيس النخعي الكوفي، أبو شبل، عداده في المخضرمين، ولازم عبد الله بن مسعود، شهد صفين وغزا خراسان، توفي سنة "٦٢هـ".
٤ أي: يحيل كل واحد منهم الفتوى إلى من يرى أنه أعلم منه.
٥ الخمول: التواضع والبعد عن الشهرة.
٦ خب البحر: هاج وماج.

<<  <   >  >>