للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

٢٨- فصل: فوائد النكاح.

١٢٣- تأملت في فوائد النكاح ومعانيه وموضوعه، فرأيت أن الأصل الأكبر في وضعه وجود النسل؛ لأن هذا الحيوان لا يزال يتحلل، ثم يخلف المتحلل الغذاء، ثم يتحلل من الأجزاء الأصلية ما لا يخلفه شيء، فإذا لم يكن بد من فنائه، وكان المراد امتداد أزمان الدنيا، جعل النساء خلفًا عن الأصل.

١٢٤- ولما كانت صورة النكاح تأباها النفوس الشريفة، من كشف العورة، وملاقاة ما لا يستحسن لنفسه، جعلت الشهوة تحث عليه، ليحصل المقصود.

١٢٥- ثم رأيت هذا المقصود الأصلي يتبعه شيء آخر، وهو استفزاع هذا الماء، الذي يؤذي دوام احتقانه، فإن المني ينفصل من الهضم الرابع، فهو من أصفى جوهر الغذاء وأجوده، ثم يجتمع، فهو أحد الذخائر للنفس، فإنها تدخر -لبقائها وقوتها- الدم، ثم المني، ثم تدخر التفل١، الذي هو من أعمدة البدن، كأنه لخوف عدم غيره، فإذا زاد اجتماع المني, أقلق على نحو إقلاق البول للحاقن، إلا أن إقلاقه من حيث المعنى أكثر من إقلاق البول من حيث الصورة، فتوجب كثرة اجتماعه، وطول احتباسه أمراضًا صعبة؛ لأنه يترقى من بخاره إلى الدماغ فيؤْذِي،


١ التفل: اللعاب.

<<  <   >  >>