للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

١٩٤- فصل: المؤمن هو الكامل الإيمان

٨٩٨- ليس المؤمن بالذي يؤدي فرائض العبادات صورة، ويتجنب المحظورات فحسب! إنما المؤمن هو الكامل الإيمان، ولا يختلج في قلبه اعتراض، ولا يساكن [نفسه] فيما يجري وسوسة، وكلما اشتد البلاء عليه، زاد إيمانه، وقوي تسليمه، وقد يدعو، فلا يرى للإجابة أثرًا، وسره لا يتغير؛ لأنه يعلم أنه مملوك، وله مالك يتصرف بمقتضى إرادته. فإن اختلج في قلبه اعتراض، خرج من مقام العبودية إلى مقام المناظرة، كما جرى لإبليس.

٨٩٩- والإيمان القوي يبين أثره عند قوة البلاء؛ فأما إذا رأينا مثل يحيى بن زكريا، تسلط عليه فاجر، فيأمر بذبحه، فيذبح! وربما اختلج في الطبع أن يقول: فَهَلَّا رد عنه من جعله نبيًا؟! وكذلك كل تسلط من الكفار على الأنبياء والمؤمنين، وما وقع رد عنهم!

فإن هجس بالفكر أن القدرة تعجز عن الرد عنهم، كان ذلك كفرًا.

وإن علم أن القدرة متمكنة من الرد، وما ردت، ويجوع المؤمنين، ويشبع الكفار، ويعافي العصاة، ويمرض المتقين، لم يبق إلا التسليم للمالك، وإن أمض١ وأرمض٢.

٩٠٠- وقد ذهب يوسف بن يعقوب عليه السلام، فبكى يعقوب ثمانين سنة، ثم لم ييأس، فلما ذهب ابنه الآخر، قال: {عَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا} [يوسف: ٨٣] .


١ أمض: آلم وأوجع.
٢ أرمض: أحرق.

<<  <   >  >>