١١٣٨- من أعجب الأمور طلب الاطلاع على تحقيق العرفان لذات الله -عز وجل، وصفاته وأفعاله! وهيهات، ليس إلا المعرفة بالجملة، ولقد أوغل المتكلمون، فما وقعوا بشيء، فرجع عقلاؤهم إلى التسليم.
١١٣٩- وكذلك أصحاب الرأي، مالوا إلى القياس، فإذا أشياء كثيرة بعكس مرادهم، فلم يجدوا ملجأ إلا التسليم، فسموا ما خالفهم إستحسانًا.
١١٤٠- فالفقيه من علل بما يمكن، فإذا عجز، استطرح للتسليم، هذا شأن العبيد.
١١٤١- فأما من يقول: لم فعل كذا؟ وما معنى كذا؟ فإنه يطلب الاطلاع على سر الملك، وما يجد إلى ذلك سبيلًا، لوجهين:
أحدهما: أن الله تعالى ستر كثيرًا من حكمه عن الخلق.
والثاني: أن ليس في قوى البشر إدراك حكم الله تعالى كلها فلا يبقى مع المعترض سوى الإعتراض المخرج إلى الكفر: {فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاءِ ثُمَّ لْيَقْطَعْ فَلْيَنْظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ مَا يَغِيظُ}[لحج: ١٥] ، والمعنى: من رضي بأفعالي، وإلا، فليخنق نفسه، فما أفعل إلا ما أريد.