للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٣٠٥- فصل: همّة المؤمن متعلّقة بالآخرة

١٣٤٣- همة المؤمن متعلقة بالآخرة، فكل ما في الدنيا يحركه إلى ذكر الآخرة، وكل من شغله شيء، فهمته شغله.

ألا ترى أنه لو دخل أرباب الصنائع إلى دار معمورة، رأيت البزاز ينظر إلى الفرش، ويحزر قيمته، والنجار إلى السقف، والبناء إلى الحيطان، والحائك إلى النسج١.

١٣٤٤- والمؤمن إذا رأى ظلمةً، ذكر ظلمة القبر، وإن رأى مؤلمًا، ذكر العقاب، وإن سمع صوتًا فظيعًا، ذكر نفخة الصور، وإن رأى الناس نيامًا، ذكر الموتى في القبور، وإن رأى لذة، ذكر الجنة؛ فهمته متعلقة بما ثم٢، وذلك يشغله عن كل ما تم.

١٣٤٥- وأعظم ما عنده أنه يتخايل دوام البقاء في الجنة، وأن بقاءه لا ينقطع، ولا يزال، ولا يعتريه منغص٣، فيكاد إذا تخايل نفسه متقلبًا في تلك اللذات الدائمة، التي لا تفنى: يطيش فرحًا، ويسهل عليه ما في الطريق إليها، من ألم، ومرض، وابتلاء، وفقد محبوب، وهجوم الموت، ومعالجة غصصه، فإن المشتاق إلى الكعبة يهون عليه رمل زرود٤، والتائق٥ إلى العافية لا يبالي بمرارة


١ في الأصل: نسج الثياب.
٢ هناك في الآخرة.
٣ في الأصل: نغصة.
٤ زرود: رمال كثيرة في طريق القادم من الكوفة إلى مكة.
٥ التائق: المشتاق.

<<  <   >  >>