١٥٧٧- ينبغي لمن آمن بالله تعالى أن يسلم له في أفعاله، ويعلم أنه حكيم ومالك، وأنه لا يعبث١؛ فإن خفيت عليه حكمة فعله، نسب الجهل إلى نفسه، وسلم للحكيم المالك؛ فإذا طالبه العقل بحكمة الفعل، قال: ما بانت لي، فيجب على تسليم الأمر لمالكه.
١٥٧٨- وإن أقوامًا نظروا بمجرد العقل إلى كثير من أفعال الحق سبحانه؛ فرأوها لو صدرت من مخلوق، نسب فيها إلى ضد الحكمة، فنسبوا الخالق إلى ذلك!! وهذا الكفر المحض، والجنون البارد!
والواجب نسبة الجهل إلى النفوس؛ فإن العقول قاصرة عن مطالعة حكمته، وأول من فعل ذلك إبليس؛ فإنه قد رآه قد فضل طينًا على نارٍ، والعقل يرى النار أفضل، فعاب حكمته، وعمت هذه المحنة خلقًا ممن ينسب إلى العلم، وكثيرًا من العوام، فكم قد رأينا عالمًا يعترض، وعاميًّا يرد فيكفر! وهذه محنة قد شملت أكثر الخلق، يرون عالمًا يضيق عليه، وفاسقًا وسع عليه، فيقولون: هذا لا يليق بالحكمة!!
١٥٧٩- وقد علم العلماء أن الله تعالى قد فرض الزكوات والخراج والجزية والغنائم والكفارات ليستغني بها الفقراء، فاختص بذلك الظلمة، وصانع من تجب عليه الزكاة بإخراج بعضها؛ فجاع الفقير! فينبغي أن نذم هؤلاء الظلمة، ولا نعترض على من قدر الكفاية للفقراء.
وقد حصل في ضمن هذا عقوبة الظالمين في حبسهم الحقوق، وابتلاء الفقراء بصبرهم عن حظوظهم.
١٥٨٠- وأكثر هؤلاء المعترضين لا يكادون يسلمون وقت خروج الروح من اعتراض يخرج إلى الكفر، فتخرج النفس كافرةً.