للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

١٥٧- فصل: احتياج الخلق بعضهم إلى بعض

٧٠٧- مما أفادتني تجارب الزمان أنه لا ينبغي لأحد أن يظاهر بالعداوة أحدًا ما١ استطاع؛ فإنه ربما يحتاج إليه، [مهما كانت منزلته] ٢.

وإن الإنسان ربما لا يظن الحاجة إلى مثله يومًا ما، كما لايحتاج إلى عويد٣ منبوذ، لا يلتفت إليه؛ لكن كم من محتقر احتيج إليه! فإذا لم تقع الحاجة إلى ذلك الشخص في جلب نفع، وقعت الحاجة في دفع ضر.

ولقد احتجت في عمري إلى ملاطفة أقوام ما خطر لي قط وقوع الحاجة إلى التلطف بهم.

٧٠٨- واعلم أن المظاهرة بالعداوة قد تجلب أذى من حيث لا يعلم؛ لأن المظاهر بالعداوة كشاهر السيف ينتظر مضربًا، وقد يلوح منه مضرب خفي، وإن اجتهد المتدرع في ستر نفسه، فيغتنمه ذلك العدو.

فينبغي لمن عاش في الدنيا أن يجتهد في ألا يظاهر بالعداوة أحدًا، لما بينت من وقوع احتياج الخلق بعضهم إلى بعض، وإقدار بعضهم على ضرر بعض. وهذا فضل مفيد، تبين فائدته للإنسان مع تقلب٤ الزمان.


١ في الأصل: مهما.
٢ جاء في الحديث: "أحبب حبيبك هونًا ما، عسى أن يكون بغيضك يومًا ما، وأبغض بغيضك هونًا ما عسى أن يكون حبيبك يومًا ما"، رواه الترمذي، وغيره عن أبي هريرة مرفوعًا، وعن علي مرفوعًا وموقوفًا، والموقوف أصح.
٣ عويد: تصغير عود، أي: العود الصغير.
٤ في الأصل: تغلب، وهو تصحيف.

<<  <   >  >>