٤٠٣- من تأمل عواقب المعاصي، رآها قبيحةً، ولقد تفكرت في أقوام أعرفهم، يقرون بالزنى وغيره، فأرى من تعثرهم في الدنيا -مع جلادتهم- ما لا يقف عند حد، وكأنهم قد ألبسوا ظلمة، فالقلوب تنفر عنهم، فإن اتسع لهم شيء، فأكثره من مال الغير، وإن ضاق بهم أمر، أخذوا يتسخطون على القدر. هذا وقد شغلوا بهذه الأوساخ عن ذكر الآخرة.
٤٠٤- ثم عكست، فتفكرت في أقوام صابروا الهوى، وتركوا ما لا يحل، فمنهم من قد أينعت له ثمرات الدنيا، من قوت مستلذٍّ، ومهاد مستطاب، وعيش لذيذ، وجاه عريض، فإن ضاق بهم أمر، وسعه الصبر، وطيبه الرضا، ففهمت بالحال معنى قوله تعالى:{إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ}[يوسف: ٩٠] .