للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٢٩٤- فصل: تحذير العلماء من مخالطة السلاطين

١٣١٦- رأيت خلقًا من العلماء والقصاص تضيق عليهم الدنيا، فيفزعون إلى مخالطة السلاطين، لينالوا من أموالهم، وهم يعلمون أن السلاطين لا يكادون يأخذون الدنيا من وجهها ولا يخرجونها في حقها.

فإن أكثرهم: إذا حصل له خراج١ ينبغي أن يصرف إلى المصالح؛ وهبه لشاعر! وربما كان معه جندي يصلح أن تكون مشاهرته٢ عشرة دنانير، فأعطاه عشرة آلاف! وربما غزا، فأخذ ما ينبغي أن يقسم على الجيش فاصطفاه لنفسه! هذا غير ما يجري من الظلم في المعاملات.

وأول ما يجري على ذاك العالم أنه قد حرم النفع بعلمه. وقد رأى بعض الصالحين رجلًا عالمًا يخرج من دار يحيى بن خالد٣ البرمكي، فقال: أعوذ بالله من علم لا ينفع.


١ الخراج: ضريبة مفروضة على البلاد التي فتحت صلحًا.
٢ مشاهرته: الأجرة التي يستحقها كل شهر.
٣ الوزير الكبير، أحد رجال الدهر حزمًا ورأيًا وسياسة وعقلًا، ضمه المهدي إلى ابنه الرشيد ليربيه ويثقفه؛ فلما استخلف رفع قدره، وصير أولاده ملوكًا، ثم نكبهم وسجن خالدًا، فمات في السجن سنة "١٩٠هـ" وله سبعون سنة.

<<  <   >  >>