١٥٤٧- المصيبة العظمى رضا الإنسان عن نفسه، واقتناعه بعلمه! وهذه محنة قد عمت أكثر الخلق: فترى اليهودي أو النصراني يرى أنه على الصواب، ولا يبحث ولا ينظر في دليل نبوة نبينا صلى الله عليه وسلم، وإذا سمع ما يلين قلبه، مثل القرآن المعجز؛ هرب؛ لئلا يسمع! وكذلك كل ذي هوى يثبت عليه: إما لأنه مذهب أبيه وأهله، أو لأنه نظر نظرا أول فرآه صوابًا، ولم ينظر فيما يناقضه، ولم يباحث العلماء ليبينوا له خطأه!
١٥٤٨- ومن هذا حال الخوارج على أمير المؤمنين علي رضي الله عنه؛ فإنهم استحسنوا ما وقع لهم، ولم يرجعوا إلى من يعلم، ولما لقيهم عبد الله بن عباس رضي الله عنه، فبين لهم خطأهم، رجع عن مذهبه منهم ألفان. وممن لم يرجع عن هواه ابن ملجم، فرأى مذهبه هو الحق، فاستحل قتل أمير المؤمنين رضي الله عنه، ورآه دينًا، حتى إنه لم قطعت أعضاؤه، لم يمانع، فلما طلب لسانه ليقطع، انزعج، وقال: كيف أبقى ساعة في الدنيا لا أذكر الله؟! ومثل هذا ما له دواء.
١٥٤٩- وكذلك كان الحجاج١ يقول: والله، ما أرجو الخير إلا بعد الموت!
١ الحجاج بن يوسف الثقفي: قائد سفاك للدماء، ووال ظالم جبار، وداهية خطيب، وفاتح عظيم "٤٠-٩٥هـ" يعد من مساوئ بني أمية.