للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٣٧١ فصل: التسليم للحكيم.

قد تكرر معناه في هذا الكتاب؛ إلا أن إعادته على النفوس مهمة، لئلا يغفل عن مثله.

١٦٦٠- ينبغي للمؤمن أن يعلم أن الله سبحانه مالك حكيم لا يعبث، وهذا العلم يوجب نفي الاعتراض على القدر.

١٦٦١- وقد لهج خلق بالاعتراض قدحًا في الحكمة، وذلك كفر. وأولهم إبليس في قوله: {خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ} [ص: ٧٦] ومعنى قوله: إن تفضيلك الطين على النار ليس بحكمة!!

وقد رأيت من كان فقيهًا دأبه الاعتراض؛ وهذا لأن المعترض ينظر إلى صورة الفعل، ولو أن صورة الفعل صدرت من خلوق مثلنا، حسن أن يعترض عليه؛ فأما من نقصت الأفهام عن مطالعة حكمته، فاعتراض الناقص الجاهل عليه جنون.

١٦٦٢- فأما اعتراض الخلعاء فدائم: لأنهم يريدون جريان الأمور على أغراضهم، فمتى انكسر لأحدهم غرض، اعترض.

١٦٦٣- وفيهم من يتعدى إلى ذكر الموت، فيقول: بنى ونقض!!

وكان لنا رفيق، قرأ القرآن والقراءات، وسمع الحديث الكثير، ثم وقع في الذنوب، وعاش أكثر من سبعين سنة، فلما نزل به الموت، ذكر لي أنه قال: قد ضاقت الدنيا إلا من روحي!! ومن هذا الجنس سمعت شخصًا يقول عند الموت: ربي يظلمني!! وهذا كثير!

١٦٦٤- ويكره أن يحكى كلام الخلعاء في جنونهم واعتراضاتهم الباردة.

ولو فهموا أن الدنيا ميدان مسابقة، ومارستان صبر، ليبين بذلك أثر الخالق، لما اعترضوا، والذي طلبوه من السلامة وبلوغ الأغراض أمامهم١ لو فهموا، فهم كالروزجاري٢، يتلوث بالطين، فإذا فرغ، لبس ثياب النظافة.


١ في الآخرة.
٢ الروزجاري: الذي يعمل بالفاعل في مهنة البناء.

<<  <   >  >>