للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

١٦٧- فصل: الواجب على العالم صيانة علمه

٧٥٤- ما أعرف للعالم قط لذة ولا عزًّا ولا شرفًا ولا راحةً ولا سلامة أفضل من العزلة، فإنه ينال بها سلامة بدنه ودينه وجاهه عند الله عز وجل وعند الخلق؛ لأن الخلق يهون عليهم من يخالطهم، ولا يعظم عندهم قدر المخالط لهم، ولهاذا عظم قدر الخلفاء لاحتجابهم، وإذا رأي العوام أحد العلماء مترخصًا في أمر مباح، هان عندهم. فالواجب عليه صيانة علمه، وإقامة قدر العلم عندهم.

فقد قال بعض السلف: كنا نمزح ونضحك؛ فإذا صرنا؛ يقتدى بنا، فما أراه يسعنا ذلك.

٧٥٥- وقال سفيان الثوري: "تعلموا هذا العلم، واكظموا عليه، ولا تخلطوه بهزل فتمحجه القلوب"١.

٧٥٦- فمراعاة الناس لا ينبغي أن تنكر. وقد قال صلى الله عليه وسلم لعائشة: "لولا حدثان قومك في الكفر، لنقضت الكعبة، وجعلت لها بابين ... "٢. وقال أحمد بن حنبل في الركعتين قبل المغرب: رأيت الناس يكرهونهما فتركتهما.

ولا تسمع من جاهل يرى مثل هذه الأشياء رياء، إنما هي صيانة للعلم. وبيان هذا أنه لو خرج العالم إلى الناس مكشوف الرأس، أو في يده كسرة


١ تمجه القلوب: تأباه وترفضه.
٢ رواه البخاري "١٥٨٣ و١٥٨٦"، ومسلم "١٣٣٣" عن عائشة رضي الله عنها.

<<  <   >  >>