للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٨٣- فصل: للذنوب عواقب سيئة

٤٢٥- ينبغي لكل ذي لب وفطنة أن يحذر عواقب المعاصي، فإنه ليس بين آدمي وبين الله تعالى قرابة ولا رحم، وإنما هو قائم بالقسط، حاكم بالعدل. وإن كان حلمه يسع الذنوب، إلا أنه إذا شاء، عفا، فعفى١ كل كثيف من الذنوب، وإذا شاء أخذ باليسير. فالحذر الحَذَرَ!

٤٢٦- ولقد رأيت أقوامًا من المترفين، كانوا يتقلبون في الظلم والمعاصي باطنة وظاهرة، فتعبوا من حيث لم يحتسبوا، فقلعت أصولهم، ونقض ما بنوا من قواعد أحكموها لذراريهم، وما كان ذلك إلا أنهم أهملوا جانب الحق عز وجل، وظنوا أن ما يفعلونه من خير يقاوم ما يجري من شر، فمالت سفينة ظنونهم، فدخلها من ماء الكيد ما أَغْرَقَهُمْ.

٤٢٧- ورأيت أقوامًا من المنتسبين إلى العلم، أهملوا نظر الحق -عز وجل- إليهم في الخلوات، فمحا محاسن ذكرهم في الجلوات٢، فكانوا موجودين الكمعدومين، لا حلاوة لرؤيتهم، ولا قلب يحن إلى لقائهم.

فَاللهَ اللهَ في مراقبة الحق عز وجل؛ فإن ميزان عدله تبين فيه الذرة، وجزاؤه مراصد للمخطئ، ولو بعد حين، وربما ظن أنه العفو، وإنما هو إمهال، وللذنوب عواقب سيئة.

فَاللهَ اللهَ! الخلوات "الخلوات"! البواطن البواطن! النيات النيات، فإن عليكن من الله عينًا ناظرةً! وإياكم والاغترار بحلمه وكرمه، فكم استدرج! وكونوا على مراقبة الخطايا، مجتهدين في محوها! وما شيء ينفع كالتضرع مع الحمية عن الخطايا، فلعلعه٣. وهذا فصل إذا تأمله المعامل لله تعالى نفعه.

٤٢٨- ولقد قال بعض المراقبين لله تعالى: قدرت على لذة وليست بكبيرة، فنازعتني نفسي إليها، اعتمادًا على صغرها، وعظم فضل الله تعالى وكرمه، فقلت


١ عفى: محا وأزال.
٢ الجلوات: عكس الخلوات.
٣ فلعله: أي فلعله ينفع.

<<  <   >  >>