للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٩٧- فصل: نعوذ بالله من طول الأمل

٤٦٩- أظرف الأشياء إفاقة المحتضر عند موته؛ فإنه ينتبه انتباهًا لا يوصف، ويقلق قلقًا لا يحد، ويتلهف على زمانه الماضي، ويود لو ترك "كي يتدارك ما فاته"١، ويصدق "في" توبته على مقدار يقينه بالموت، ويكاد يقتل نفسه قبل موتها بالأسف.

ولو وجدت ذرة من تلك الأحوال في أوان العافية، حصل كل مقصود من العمل بالتقوى.

فالعاقل من مثل تلك الساعة، وعمل بمقتضى ذلك؛ فإن لم يتهيأ تصوير ذلك على حقيقته، تخايله على قدر يقظته، فإنه يكف كف الهوى، ويبعث على الجد.

٤٧٠- فَأَمَّا من كانت تلك الساعة نصب عينيه، كان كالأسير لها، كما روي عن حبيب العجمي٥: أنه كان إذا أصبح، يقول لامرأته: إذا مت اليوم، ففلان يغسلني، وفلان يحملني.

٤٧١ وقال معروف لرجل: صل بنا الظهر! فقال: إن صليت بكم الظهر، لم أصل بكم العصر: فقال: وكأنك تؤمل أن تعيش إلى العصر؟! نعوذ بالله من طول الأمل.

وذكر رجل رجلًا بين يديه بغيبةٍ، فجعل معروف يقول له: اذكر القطن إذا وضعوه على عينيك!


١ أبو محمد زاهد أهل البصرة وعابدهم، كان مجاب الدعوة.

<<  <   >  >>