١٠١- ما زالت نفسي تنازعني -بما يوجبه مجلس الوعظ، وتوبة التائبين، ورؤية الزاهدين- إلى الزهد، والانقطاع عن الخلق، والانفراد بالآخرة، فتأملت ذلك، فوجدت عمومه من الشيطان فإن الشيطان يرى أنه لا يخلو لي مجلس من خلق لا يحصون، يبكون، ويندبون على ذنوبهم، ويقوم في الغالب جماعة، يتوبون، ويقطعون شعور الصِّبَا، وربما اتفق خمسون١ ومئة، ولقد تاب عندي في بعض الأيام أكثر من مئة، وعمومهم صبيان، قد نشئوا على اللعب والانهماك في المعاصي.
١٠٢- فكان الشيطان -لبعد غوره في الشر- رآني أجتذب إلي من أجتذب منه، فأراد أن يشغلني عن ذلك بما يزخرفه، ليخلو هو بمن أجتذبه من يده.
ولقد حسن لي الانقطاع عن المجالس، وقال: لا يخلو من تصنع الخلق، لا رذيلة، وأما أن أقصد الناس بما لا يجوز في الشرع، فمعاذ الله.
١٠٣- ثم رأيته يريني في التزهد قطع أسباب ظاهرة الإباحة من الاكتساب! فقلت له: فإن طاب لي الزهد، وتمكنت من العزلة، فنفد ما بيدي، أو احتاج بعض عائلتي ألست أعود القهقهرى؟! فدعني أجمع ما يسد خلتي، ويصونني عن مسألة