للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٢٦٨- فصل: الإنفاق في بناء المساجد والأربطة

١٢٢٠- رأيت بعض المتقدمين سئل عمن يكتسب حلالًا وحرامًا من السلاطين والأمراء، ثم يبني المساجد والأربطة: هل له فيها ثواب؟

فأفتى بما يوجب طيب قلب المنفق، وأن له في إنفاق ما لا يملكه نوع سمسرة؛ لأنه لا يعرف أعيان المغصوبين فيردها عليهم! فقلت: وا عجبًا من المتصدين للفتوى الذين لا يعرفون أصول الشريعة!!

ينبغي أن ينظر في حال هذا المنفق أولًا؛ فإن كان سلطانًا، فما يخرج من بيت المال قد عرفت وجوه مصارفه، فكيف يمنع مستحقه، ويشغله بما لا يفيد من بناء مدرسة ورباط؟!

وإن كان المنفق من الأمراء ونواب السلاطين؛ فإنه يجب أن يرد ما يجب زده إلى بيت المال، وليس له فيه إلا ما فرض من إيجاب يليق به؛ فإن تصرف في غير ذلك، كان مصروفًا فيما ليس له، ولو أذن له ما كان الإذن جائزًا، وإن كان قد أقطع ما لا يقاوم عمله١، كان ما يأخذه فاضلًا من أموال المسلمين، لا حق له فيه، وعلى من أطلقه في ذلك إثم أيضًا، هذا إذا سلم المال، وكان من حله.

فأما إذا كان حرامًا أو غضبًا، فكل تصرف فيه حرام، والواجب رده على من أخذ منه، أو على ورثتهم؛ فإن لم يعرف طريق الرد، كان في بيت مال المسلمين، يصرف في مصالحهم، أو يصرف في الصدقة، ولم يحظ آخذه بغير الإثم٢.


١ ما لا يستطيع رده.
٢ نقل النووي "المجموع ٩/ ٣١٥" عن الغزالي "الإحياء ٢/ ١١٥": "أن من كان معه مال حرام، وأراد التوبة والبراءة منه؛ فإن كان له "أي للمال" مالك معين "أي معروف" وجب صرفه إليه أو إلي وكيله، فإن كان ميتًا وجب دفعه إلى وارثه، وإن كان لمالك لا يعرفه، ويشن من معرفته، فينبغي أن يصرفه في مصالح المسلمين العامة؛ وإلا فليتصدق به على الفقراء". =

<<  <   >  >>