٢٨١- فصل: السعيد من اهتم لحفظ دينه وقنع من الدنيا باليسير
١٢٥٨- تأملت خصومات الملوك، وحرص التجار، ونفاق المتزهدين: فوجدت جمهور ذلك على لذات الحس، وإذا تفكر العاقل في ذلك، علم أن أمر الحسيات قريب، يندفع بأقل شيء، وأن الغاية منه لا يمكن نيلها، وإن بالغ عاد بالأذى على نفسه أضعاف ما ناله من اللذة، كمن يأكل كثيرًا أو ينكح كثيرًا، فالسعيد من اهتم لحفظ دينه، وأخذ من ذلك بمقدار الحاجة.
١٢٥٩- وا عجبًا! هذا الملبوس: إذا كان وسطًا، خدم، وإذا كان مرتفعًا؛ خدم؛ فإن نظر اللابس إليه معجبًا به، فإن الله لا ينظر إليه حينئذ، وفي "الصحيح": "بينما رجل يتبختر في بردته، خسف به".
١٢٦٠- والمشروب: إن كان حرامًا، فعقابه أضعاف لذته، وهتكه العرض بين الناس عقاب آخر، وإن كان مباحًا، فالشره فيه يؤذي البدن.
١٢٦١- وأما المنكوح، فمداراة المستحسن يؤذي فوق كل أذى، ومقاساة المستقبح أشد أذى، فعليك بالتوسط.
١٢٦٢- وتفكر في أحوال السلاطين، كم قتلوا ظلمًا؟ وكم ارتكبوا حرامًا؟ وما نالوا إلا يسيرًا من لذات الحس، فانقشع غيم العمر عن حسرات الفضائل وحصول العقاب.
١٢٦٣- فليس في الدنيا أطيب عيشًا من منفرد عن العالم بالعلم، فهو أنيسه وجليسه، قد قنع بما سلم به دينه من المباحات الحاصلة، لا عن تكلف، ولا تضييع دين، وارتدى بالعز عن الذل للدنيا وأهلها، والتحف بالقناعة باليسير، إذا لم يقدر على الكثير، فوجدته يسلم دينه ودنياه.