٢٣٧- فصل: سبب تخليط العقائد قياس الحاضر على الغائب
١٠٩٤- تأملت سبب تخليط العقائد، فإذا هو الميل إلى الحس، وقياس الغائبات على الحاضر؛ فإن أقوامًا غلب عليهم الحس؛ فلما لم يشاهدوا الصانع، جحدوا وجوده، ونسوا أنه قد ظهر بأفعاله، وأن هذه الأفعال لا بد لها من فاعل، فإن العاقل إذا مر على صحراء خالية، ثم عاد وفيها غرس وبناء، علم أنه لا بد من غارس إذ الغرس لا يكون بنفسه ولا البناء.
١٠٩٥- ثم جاء قوم، فأثبتوا وجود الصانع، ثم قاسوه على أحوالهم، فشبهوا، حتى إن قائلهم يقول في قوله صلى الله عليه وسلم:"ينزل إلى السماء": ينتقل! ويستدل بأن العرب لا تعرف النزول إلا الانتقال. وضل خلق كثير في صفاته، كما ضل خلق كثير في ذاته، فظن أقوام أنه يتأثر حين سمعوا أنه يغضب ويرضى، ونسوا أن صفته تعالى قديمة، لا يحدث منها شيء.
وضل خلق في أفعاله، فأخذوا يعللون، فلم يقنعوا بشيء، فخرج منهم قوم إلى أن تسبوا فعله إلى ضد "الحكمة" تعالى عن ذلك!!
١٠٩٦- ومن رزق التوفيق، فليحضر قلبه لما أقول: أعلم أن ذاته سبحانه لا