١١٥٢- من البله أن تبادر عدوًّا أو حسودًا بالمخاصمة؛ وإنما ينبغي إن عرفت حاله أن تظهر له ما يوجب السلامة بينكما، إن اعتذر قبلت، وإن أخذ في الخصومة صفحت، وأريته أن الأمر قريب، ثم تبطن الحذر منه، فلا تثق به في حال، وتتجافاه باطنًا، مع إظهار المخالطة في الظاهر.
١١٥٣- فإذا أردت أن تؤذيه، فأول ما تؤذيه به إصلاحك واجتهادك فيما يرفعك، ومن أعظم العقوبة له العفو عن زلَلِه، وإن بالغ في السب؛ فبالغ في الصفح، تنب عنك العوام في شتمه، ويحمدك العلماء على حلمك! وما تؤذيه به من ذلك، [وتورثه به الكمد ظاهرًا] ، وغيره في الباطن أضعاف، و [خير] مما تؤذيه به من كليمةٍ إذا قلتها له سمعت أضعافها.
١١٥٤- ثم بالخصومة تعلمه أنك عدوه، فيأخذ الحذر، ويبسط اللسان، وبالصفح يجهل ما في باطنك، فيمكنك حينئذ أن تشتفي منه، أما أن تلقاه بما يؤذي دينك، فيكون هو الذي قد اشتفى منك! وما ظفر قط من ظفر به الإثم؛ بل الصفح الجميل، وإنما يقع هذا ممن يرى أن تسليطه عليه: إما عقوبة لذنب، أو لرفع درجة، أو للابتلاء، فهو لا يرى الخصم، وإنما يرى القدرة.