للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكان لعليٍّ -رضي الله عنه- أربع حرائر، وسبع عشرة سريةً، مات عنهن. وقبل هذه الأمة، فقد كان لداود عليه السلام مئة امرأة، ولسليمان عليه السلام ألف امرأة.

فمن ادعى خَلَلًا في هذه الطرق، أو أن هؤلاء آثروا هواهم، وأنفقوا بضائع العمر في هذه الأغراض، وغيرها أفضل، فقد ادعى على الكاملين النقصان، وإنما هو الناقص في فهمه لا هم.

وقد كان سفيان الثوري إذا سافر، ففي سفرته حمل مشوي وفالوذج، وكان حسن المطعم، وكان يقول: إن الدابة إذا لم تحسن إليها، لم تعمل.

٤٢٢- وهذه الفنون التي أشرت إليها، إن قصدت للحاجة إليها، أو لقضاء وطر النفس منها، أو لبلوغ الأغراض الدينية والدنيوية منها: فكله قصد صحيح، لا يعكر عليه من يقوم ويقعد في ركعات لا يفهم معناها، وفي تسبيحات أكثر ألفاظها ردية.

٤٢٣- كلا، ليس إلا العلم الذي هو أفضل الصفات، وأشرف العبادات، وهو الآمر بالمصالح، والناطق بالنصائح. ثم منفعة العلم معروفة، وزهد الزاهد لا يتعدى عتبة بابه، وقد قال صلى الله عليه وسلم: "لأن يهدي الله بك رجلًا خير لك مما طلعت عليه الشمس"١.

٤٢٤- ثم اعتبر فضل الرسل على الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، والجوارح على التي لا تصيد، والطين الذي يعمل منها ما ينتفع به على الطين في المقلع٢.

وغاية العلماء تصرفهم بالعلم في المباح، وأكثر المتزهدين جهلة، يستعبدهم تقبيل اليد لأجل تركهم ما أبيح.

فكم فوتت العزلة عِلْمًا يصلح به أصل الدين، وكم أوقعت في بلية هلك بها الدين، وإنما عزلة العالم عن الشر فحسب، والله الموفق.


١ رواه الطبراني عن أبي رافع. انظر: كنز العمال "٢٨٨٠٢".
٢ المقلع: المكان الذي تقلع منه الحجارة، ويستعان على ذلك بالماء، فيكثر الطين في هذه المقالع.

<<  <   >  >>