للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عذابه فيك عذب ... وبعده فيك قرب

وأنت عندي كروحي ... بل أنت منها أحب

حسبي من الحب أني ... لما تحب أحب

وقال بعض المحبين في هذا المعنى:

ويقبح من سواك الفعل عندي ... فتفعله فيحسن منك ذاكا

٢٩٨- فصاح بي الهاتف: حدثني، بماذا أرضى؟! قدر أني أرضى في أقداره بالمرض والفقر، أفأرضى بالكسل عن خدمته، والبعد عن أهل محبته؟! فبين لي ما الذي يدخل تحت الرضا مما لا يدخل!

فقلت له: نعم ما سألت، فاسمع الفرق سماع من ألقى السمع وهو شهيد: ارض بما كان منه، فأما الكسل والتخلف، فذاك منسوب إليك، فلا ترض به من فعلك. وكن مستوفيًا حقه عليك، مناقشًا نفسك فيما يقربك منه، غير راض منها بالتواني في المجاهدة.

فأما ما يصدر من أقضيته المجردة، التي لا كسب لك فيها، فكن راضيًا بها، كما قالت رابعة رحمة الله عليها، وقد ذكر عندها رجل من العباد يلتقط من مزيلة فيأكل، فقيل: هلا سأل الله تعالى أن يجعل رزقه من غير هذا؟! فقالت: إن الراضي لا يتخير، ومن ذاق طعم المعرفة، وجد فيه طعم المحبة، فوقع الرضا عنده ضرورة.

٢٩٩- فينبغي الاجتهاد في طلب المعرفة بالأدلة، ثم العمل بمقتضى المعرفة بالجد في الخدمة، لعل ذلك يورث المحبة، فقد قال سبحانه وتعالى: "لا يزال العبد يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته، كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به ... "١. فذلك الغنى الأكبر ... ووا فقراه!


١ رواه البخاري "٦٥٠٢" عن أبي هريرة رضي الله عنه.

<<  <   >  >>