للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

٤٤٢- إذا تسلط على العارف أَذًى، أعرض نظره عن السبب، ولم ير سوى المسبب، فهو في أطيب عيش معه: إن سكت، تفكر في إقامة حقه، وإن نطق، تكلم بما يرضيه، لا يسكن قلبه إلى زوجة ولا إلى ولد، ولا يتشبث بذيل محبة أحدٍ؛ وإنما يعاشر الخلق ببدنه، وروحه عند مالك روحه.

فهذا الذي لا هَمَّ عليه في الدنيا، ولا غم عنده وقت الرحيل عنها، ولا وحشة له في القبر، ولا خوف عليه يوم المحشر.

٤٤٣- فأما من عدم المعرفة، فإنه معثر: لا يزال يضج من البلا؛ لأنه لا يعرف المبتلي، ويستوحش لفقد غرضه؛ لأنه لا يعرف المصلحة، ويستأنس بجنسه؛ لأنه لا معرفة بينه وبين ربه، ويخاف من الرحيل؛ لأنه لا زاد له، ولا معرفة بالطريق.

٤٤٤- وكم من عالم وزاهد لم يرزقا من المعرفة إلا ما رزقه العامي البطال! وربما زاد عليهما! وكم من عامي رزق منها ما لم يرزقاه مع اجتهادهما! وإنما هي مواهب وأقسام١: {ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} [المائدة: ٥٤] .


١ الأقسام: جمع قسم وهو النصب.

<<  <   >  >>