للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فلولا هذا العزم، ما كان انبساط وجهه١ يوم حلف: والله، لا تكسر سن الربيع٢.

٤٤٧- بالله عليك، تذوق حلاوة كف الكف عن المنهيِّ؛ فإنها شجرة تثمر عز الدنيا وشرف الآخرة، ومتى اشتد عطشك إلى ما تهوى، فابسط أنامل الرجاء إلى من عنده الري الكامل، وقل: قد عيل صبر٣ الطبع في سنيه العجاف٤، فعجل لي العام الذي فيه أغاث وأعصر.

٤٤٨ بالله عليك، تفكر فيمن قطع أكثر العمر في التقوى والطاعة، ثم عرضت له فتنة في الوقت الأخير، كيف نطح مركبه الجرف٥ فغرق وقت الصعود! أف والله للدنيا -لا بل للجنة- إن أوجب نيلها إعراض الحبيب!

٤٤٩ إنما نسب العامي باسمه واسم أبيه، أما ذوو الأقدار، فالألقاب قبل الأنساب قل لي: من أنت؟ وما عملك؟ وإلى أي مقام ارتفع قدرك؟

٤٥٠ يا من لا يصبر لحظة عما يشتهي! بالله عليك، أتدري من الرجل؟!

الرجل -والله- من إذا خلا بما يحب من المحرم، وقدر عليه، وتقلقل عطشًا إليه، نظر إلى نظر الحق إليه، فاستحى من إجالة همة فيما يكرهه، فذهب العطش.

٤٥١ كأنك لا تترك لنا إلا ما لا تشتهي، أو ما لا تصدق الشهوة فيه، أو ما لا تقدر عليه!!

كذا والله عادتك! إذا تصدقت، أعطيت كسرة لا تصلح لك، أو في جماعة يمدحونك.


١ في الأصل: وجه.
٢ عن أنس بن مالك: أن الربيع بنت النضر كسرت ثنية جارية، فطلبوا الأرش وطلبوا العفو، فأبوا، فأتوا النبي صلى الله عليه وسلم فأمرهم بالقصاص، فقال أنس بن النضر: أتكسر ثنية الربيع يا رسول الله؟ لا والذي بعثك بالحق، لا تكسر ثنيتها، فقال: "يا أنس كتاب الله القصاص" فرضي القوم وقبلوا الأرش، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "إن من عباد الله من لو أقسم على الله لأبره" رواه البخاري "٢٧٠٣"، ومسلم "١٦٧٥".
٣ عيل الصبر: فُقد.
٤ العجاف: الهزلي.
٥ الجرف: الساحل الصخري.

<<  <   >  >>