للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا} [التوبة: ١٠٣] ، قال صلى الله عليه وسلم: "نعم المال الصالح للرجل الصالح"، وقال: "ما نفعني مال كمال أبي بَكْرٍ". وكان أبو بكر رضي الله عنه يخرج إلى التجارة، ويترك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلا ينهاه عن ذلك.

٤٨٢- وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "لأن أموت بين شعبتي جبل، أطلب كفاف وجهي؛ أحب إلي من أن أموت غازيًا في سبيل الله".

٤٨٣- وكان جماعة من الصحابة رضي الله عنهم يتجرون، ومن سادات التابعين سعيد بن المسيب، مات وخلف مالًا، وكان يحتكر الزيت١. وما زال السلف على هذا.

٤٨٤- ثم قد تعرض نوائب -كالمرض- يحتاج فيها إلى شيءٍ من المال، فلا يجد الإنسان بدًّا من الاحتيال في طلبه٢، فيبذل عرضه أو دينه.

٤٨٥- ثم للنفس قوة بدنية عند وجود المال، وهو معدود عند الأطباء من الأدوية، حكمة وضعها الواضع.

٤٨٦- وإنما نبغ أقوام، طلبوا طريق الراحة، فادعوا أنهم متوكلة، وقالوا: نحن لا نمسك شيئًا، ولا نتزود لسفر، ورزق الأبدان يأتي! وهذا على مضادة الشرع: فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن إضاعة المال٣، وموسى عليه السلام لما سافر في طلب الخضر تزود٤، ونبينا صلى الله عليه وسلم لما هاجر تزود٥، وأبلغ من هذا قوله تعالى: {وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى} [البقرة: ١٩٧] ٦.

ثم يدعي هؤلاء المتصوفة بغض الدنيا، فلا يفهمون ما الذي يبتغي أن يبغض، ويرون زيادة الطلب للمال حرصًا وشرهًا!!


١ رواه أحمد "٣/ ٤٥٤"، وسيأتي في الفصل "١٠٩" عن سعيد بن المسيب: أنه كان يتجر في الزيت.
٢ في الأصل: طلبته.
٣ رواه البخاري "٢٤٠٨"، ومسلم "٥٩٣" عن المغيرة رضي الله عنه.
٤ قال تعالى: {فَلَمَّا جَاوَزَا قَالَ لِفَتَاهُ آتِنَا غَدَاءَنَا} [الكهف: ٢٦] .
٥ رواه البخاري "٣٩٠٥" عن عائشة رضي الله عنها.
٦ قال ابن عباس: كان أهل اليمن يحجون ولا يتزودون، ويقولون: نحن المتوكلون، فإذا قدموا مكة سألوا الناس، فأنزل الله تعالى: {وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى} [البقرة: ١٩٧] ، رواه البخاري "١٥٢٣" وغيره.

<<  <   >  >>