للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وميكائيل، ومن خص من الملائكة بولاية تتعلق بالخلق: وباقي الملائكة قيام للتعبد، في مراتب الرهبان في الصوامع. وقد حظي أولئك بالتقريب على مقادير علمهم بالله تعالى.

فإذا مر أحدهم بالوحي، انزعج أهل السماء، حتى يخبرهم بالخبر، فـ {إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ} [سبأ: ٢٣] ، كما إذا انزعج الزاهد من حديث يسمعه، سأل العلماء عن صحته ومعناه. فسبحان من خص فريقًا بخصائص شرفوا بها على جنسهم!

٥٠٥- ولا خصيصة أشرف من العلم، بزيادته صار آدم مسجودًا له، وبنقصانه صارت الملائكة ساجدة، فأقرب الخلق من الله العلماء.

٥٠٦- وليس العلم بمجرد صورته هو النافع، بل معناه: وإنما ينال معناه من تعلمه للعمل به، فكلما دله على فضل، اجتهد في نيله، وكلما نهاه عن نقص، بالغ في مباعدته١، فحينئذ يكشف العلم له سره، ويسهل عليه طريقه، فيصير كمجتذب يحث الجاذب، فإذا حركه، عجل في سيره.

والذي لا يعمل بالعلم٢، لا يطلعه العلم على غوره، ولا يكشف له عن سره، فيكون كمجذوب لجاذب جاذبه. فافهم هذا المثل، وحسن قصدك، وإلا فلا تتعب.


١ في الأصل: في مساعدته، وهو تصحيف.
٢ في الأصل: بالعمل، وهو تصحيف.

<<  <   >  >>