للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عن مراعي السوء؟! على أنه يبين لي أن سهرك وتعبك كأنهما كانا١ لنيل الدنيا؟

٥٣٩- ثم إني أراك تزعم أنك تريد شيئًا من الدنيا تستعين به على طلب العلم! فاعلم أن التفاتك إلى نوع كسب تستغني به عن الأراذل أفضل من التزيد في علمك، فلو عرفت ما ينقص به "دينك"، لم تر فيما قد عزمت عليه زيادةً، مما يحتوي عليه هذا العزم: السفر الذي كله مخاطرة بالنفس، وبذل الوجه -الذي طالما صين- لمن لا يصلح التفات مثلك إلى مثله.

٥٤٠- وبعيد أن تقنع بعد شروعك في هذا الأمر بقدر الكفاف، وقد علمت ما في السؤال بعد الكفاف من إثم! وأبعد منه أن تقدر على الورع في المأخوذ! ومن لك بالسلامة والرجوع إلى الوطن؟! وكم رمى فقر في بواديه من هالك٢! ثم ما تحصله يفنى، ويبقى منه ما أعطي، وعيب المتقين إياك، واقتداء الجاهلين بك، ويكفيك أنك عدت على ما علمت من ذم الدنيا بشينه، إذ فعلت ما ينقاضه، خصوصًا وقد مر أكثر العمر، ومن أحسن فيما مضى يحسن فيما بقي.


١ في الأصل: كأنه كان.
٢ في حاشية الأصيل: في الهندية: فقر من فئادٍ به من هالك.

<<  <   >  >>