للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويهلك أعداؤه، وهذا الخليل عليه السلام يلقى في النار، ثم بعد قليل يخرج إلى السلامة، وهذا الذبيح١ يضطجع مستسلمًا، ثم يسلم، ويبقى المدح، وهذا يعقوب عليه السلام يذهب بصره بالفراق، ثم يعود بالوصول. وهذا الكليم٢ عليه السلام يشتغل بالرعي، ثم يرقى إلى التكليم، وهذا نبينا محمد صلى الله عليه وسلم يقال له بالأمس: اليتيم، ويقلب في عجائب يلاقيها من الأعداء تارة، ومن مكايد الفقر أخرى، وهو أثبت من جبل حراء، ثم لما تم له مراده من الفتح، وبلغ الغرض من أكبر الملوك وأهل الأرض، نزل به ضيف النقلة، فقال: "واكرباه"٣.

فمن تلمح بحر الدنيا، وعلم كيف تتلقى الأمواج، وكيف يصبر على مدافعة الأيام، لم يستهون نزول بلاء، ولم يفرح بعاجل رخاء.


١ الذبيح: إسماعيل عليه السلام على الصحيح خلافًا لما ذهب إليه المؤلف في الفصل "٢٩٣" من أنه إسحاق عليه السلام.
٢ الكليم: موسى عليه السلام.
٣ بل قال: "وا رأساه" كما في حديث عائشة رضي الله عنها، رواه ابن إسحاق ومن طريقه ابن ماجه "١٤٦٥" والحاكم "٣/ ٥٦"، وغيرهما وقال الحاكم: صحيح الإسناد ولم يخرجاه.

<<  <   >  >>